الإنقلاب : الرابحون و الخاسرون. بقلم : عبدالقادر الونيسي


 بدأ  المشهد السياسي الجديد يتوضح تدريجيا.
تدخل القوى الكبرى وضع حدا لأحلام الإستئصاليين في الداخل و الخارج.
تم الإتفاق على تحجيم النهضة و صرف التفكير عن قمعها و لجمها الذي تنادي به الإمارات و النظام المصري الراعيان الأساسيان للإنقلاب.
تقدير القوى العظمى أن إستئصال النهضة سيدفع إلى حرب أهلية ستدخل المنطقة بأكملها في أتون الفوضى الشاملة مع عودة قوية للإرهاب.
الحركة ربما لم تفلح في إدارة الحكم لكنها أثبتت أنها حركة إسلامية مدنية مسالمة تسعى إلى التوافق و هذا ما رجح القرار لصالحها.
الوضع الإجتماعي الصعب الذي تمر به البلاد لا يمكن معالجته إلا في ظل توافق وطني بين الأطراف الفاعلة في البلاد و ليس ضمن حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
بعض المحاكمات الرمزية من هنا و هناك لحفظ ماء وجه قيس سعيد دون تشفي أو إنتقام من أي طرف سياسي.
بالأمس زار السفير الأمريكي الشيخ راشد  و اليوم سيزوره السفير الفرنسي لترتيب الخروج من الأزمة بأقل الضرر.
رأي شخصي أنا لا أحبذ تدخل القوى الكبرى في أجواء الداخل لكن الله غالب و الذي فتح الباب للإمارات و مصر يتحمل الوزر الأكبر.
الآن نأتي للرابحين من الإنقلاب و الخاسرين.
الخاسر الأكبر عبير ورقة و أكلها الحمار و تم صرف النظر عنها نهائيا و قد بان هذا واضحا في تدخلها الأخير و هي تستجدي الرئيس.
بعدها إتحاد الشغل الفاتق الناطق في البلاد إلى يوم 25 جويلية. كان العضو البسيط في نقابة أساسية يحكم في الرئيس المدير العام هذا إنتهى و ملفات قضايا الفساد في الدرج و ليس أسهل من فبركتها حتى إن لم توجد و الإتحاد متيقن أن عهد التبوريب ولى و أنقضى.
الخاسرون الآن و الرابحون مستقبلا :
النهضة ستجد نفسها خارج دوائر السلطة لمدة تطول أو تقصر لكن هذه فرصتها للإنكباب على ترميم بنائها الداخلي و تجديد طاقمها القيادي و رب ضارة نافعة إذ تداعي بنيانها كان وشيكا لولا أن أجلته مسيرة 27 فيفري و أنقذه نهائيا الإنقلاب.
خاسرون وقتيون كذلك كل من عارض الإنقلاب و رابحون مستقبلا و لا شك بعد أن ينجلى الغبار.
رابحون الآن خاسرون مستقبلا :
حركة الشعب و تيار عبو و الإستئصاليون بكل أصنافهم .
ذاكرة الوطن لن تنسى لأدعياء الديمقراطية وقوفهم مع الإنقلاب على الدستور الذي شاركوا في صياغته و تزكيته ثم دعواتهم لتدخل الجيش في الحياة السياسية و خاصة دفعهم للرئيس إلى إستئصال فصيل وطني منافس لم يتمكنوا من هزمه في صناديق الديمقراطية.
في المحصلة النهائية ليس هنالك رابح واحد من الإنقلاب و كان بالإمكان معالجة الوضع الكارثي للبلاد ضمن حوار وطني دعا له الإتحاد و رفضه الرئيس و زمرته كان سيؤدي بنا إلى توافق وطني عريض و حكومة وحدة وطنية و إلتزام صريح أمام الشعب بشن حرب على منابت الفساد.
الله غالب كم من آمال كانت تنظر إلى تونس بعيون حالمة دمرها من فتح الباب لصناع الكيان و أدخلهم لبيت عروس العرب ليغتصبوها مع الإعتذار لمظفر النواب شاعر العراق العظيم.
الديمقراطية في تونس ليس لها أنياب و هذا ما جرأ عليها أعداؤها في الداخل والخارج.
" و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون "

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.