14 جانفي خلقت لتبقى.. وستبقى..
إنهم يكرهون الثورة.. نتحدّث عن كره البعض لــ 14جانفي، ولا نعني الكلّ، فلا أحد يلوم التجمّع وأهدابه على كره الثورة لأنّ الأصل في الأنظمة الوضيعة أن تكره الثورات الرفيعة، إنّما نعني الذين انطلقوا مع هدير الثورة واستعذبوا غبارها ثمّ سرعان ما انهاروا ونكصوا وتنكّروا، حدث ذلك مساء 23 أكتوبر إلى صبيحة 24 أكتوبر 2011، هناك أصبحوا يتحاشون ذكر الثورة وإذا ذكروها أقحموا معها المنغّصات. وكم نصحناهم بأن يردّدوا المنغّصات والمحبّطات وما لذّ لهم وطاب من تذمّر وتشكيك طوال 363 يوما ويتفرّغون في يومين "17/14" للاحتفال والفرح دون ترديد سمومهم " ثورة ولكن.. كانت ثورة... هي ثورة لكنّها سرقت.. ثورة مختطفة.. الأوضاع قبل الثورة كانت أفضل..." وهكذا يلوكون الكلام ويمجّون الإحباط ويزايدون على فلول التجمّع! تابعوا المشهد جيّدا، من؟ من دون هذه السحليّة التجمعيّة، من هو التجمّعي الذي فعل ما فعلته هذه الغربان المتنكّرة التي تمسّحت بالثورة واقتربت منها ثمّ شرعت في لسعها وحقنها ووخزها ونتفها..
يكرهون الثورة لأنّهم لم يكونوا تحت كلاكل الجلّاد يوما، يكرهونها لأنّهم لا يتذوّقون طعم الحريّة، لا يعرفون ساحات الكريموجان ولا هدّتهم المحاكم ولا هي أرهقتهم ثنايا المنافي الطويلة الثقيلة، لا ولم تقترب رقابهم كثيرا من أعواد المشانق، يكرهون الثورة لأنّهم لا يعرفون زوّار الليل ولجان اليقظة والمراقبة الإداريّة بعد عجاف السّجون، يكرهون الثورة لأنّهم لم يدفنوا الشهداء على ضوء الڨازة، وتحت حراسة البوليس السياسي الذي ينغّص على الأهل لحظات الحزن الأخيرة، ويسمح لنفرين بالدفن وتحرم الأسرة من فاتحة كتاب مزروبة ونظرة وداع خاطفة.. لم يتعرّضوا إلى سياط الجلّاد، ولا تقلّبوا على بلاط زنازنه، ولا صعدت أرواحهم تحت التعذيب، حتى يستشعروا الثورة، وزاد طينهم بلّة حين لم تحتفِ بهم الثورة لمّا عرضوا عليها أنفسهم في موقعة الصناديق، لما أشاحت.. يمموا شطر الخراب.
من غير الظاهرة العبيريّة العابرة؟ أعطونا تجمّعيّا واحدا سبقكم بعد الثورة في تخريب الفرح وفي زرع الإحباط وفي تمزيق الأمل بلا شفقة، تتحدّثون عن قانون العزل وتفتحون ""جلغكم" على وسعها، وتشيعون في المجتمع أنّه هو سبب الكارثة!!! كارثة ماذا أيّها الأحمق!!! هل التجمّع هو الذي قاد 50 ألف إضراب، هل التجمّع هو الذي قطع الطريق عن الفوسفاط وحرم البلاد من الاستفادة بثروتها الأهمّ، كارثة ماذا أيّها الجلف؟! هل التجمّع هو الذي شكّل حزاما للانقلاب وواظب على تحريشه كي ينتهك الدستور ويهيمن على جميع السلطات؟! كارثة ماذا أيّها الوغد هل التجمّع هو الذي طالب الجيش التونسي بالنزول إلى الساحات وإيقاف المسار ووضع قيادات الأحزاب في السّجون؟!!! كارثة من أيّها الزوفري! هل التجمّع هو الذي هجّن النّداء وكركر السبسي إلى السلطة وصنع ظاهرة عبير وأطلقها تعقر خصمه السياسي وتتلذّذ بذلك ثمّ استنسخ صنيعها وزاد عليه وزايد في الابتذال! من يروح ويغدو على قصر قرطاج بالوشاية لسيّده، يحرّضه على النظام البرلماني، ويشهيه في رئاسة ملكيّة؟ عبير تفعل ذلك أم متاع عبير؟!
رغم خيانتكم الموصوفة، رغم وجوهكم الكالحة ورغم طوفان الإحباط الذي تنفثونه ستعود الثورة إلى دورتها وستحتفل تونس بثورتها، بإنجازها، باختراقها الذي أحدثته في جسم عربي أصمّ أبكم أعمى، ستنقشع الغمّة وستحتفل تونس وتجاهر بالفرح وتنشد من خلجات قلبها:
فرحانين .. فرحانين .. فرحانين
كل ثورة وإحنا دايما فرحانين
اللي ماتوا في المعارك .. فرحانين
واللي حضر واللي شارك.. فرحانين
واللي ساكنين الخنادق.. فرحانين
والماسكين على المبادئ.. فرحانين
واللي شايلين شوق لفكرة.. فرحانين
واللي حاملين هَمّ بكرة.. فرحانين
اللي كلمتهم أمانة.. فرحانين
واللي معدتهم جعانة فرحانين
إحنا ملح الأرض وتراب العجين
كلّ صنّاع الورود والمبدعين فرحانين
عدّ موج البحر ونجوم الليالي
عدّ رمل الأرض وأكتر من السنين
قولوا قولوا .. فرحانين
كلٍ ثورة وإحنا دايما فرحانين
قولوا قولوا .. فرحانين
ليست هناك تعليقات