خلط مجنون للأوراق..! بقلم الاستاذ نصرالدين السويلمي
لم يسبق للمنطقة أن شهدت هذا الخلط العجيب للأوراق! خلط يكاد يعصف بمسلمات دبلوماسية وتحالفات تاريخية، لصالح مشهد جديد بالغ التعقيد.
حفتر وروسيا والإمارات، هذا الثلاثي دفع الجزائر إلى البحث بجدية عن تحالفات أخرى غير تقليدية ولا هي معهودة، ذلك ما رشح ويرشح من الاعلام الجزائري هذه الأيام. ودفع بعض المنابر المحسوبة على النظام إلى الحديث عن خطورة حفتر ووصفت قواته بالميليشيات كما وصفته بالمتمرد على شرعية طرابلس المعترف بها على المستوى الدولي.
خطورة الأمر دفعت جريدة الشروق إلى مغادرة الإشارات والترميز والتأكيد بشكل واضح أن دول مصر والإمارات وروسيا تدعم المشير خليفة حفتر وتدفعه إلى محاصرة العاصمة الليبية طرابلس.
والملفت هو تعاطي الاعلام الجزائري بطريقة إيجابية مع الدور الأمريكي، يتبين ذلك في ما نشرته يومية الشروق التي جاء فيها "وإن كانت تحركات خليفة حفتر خارجة عن إرادته، كونه مدفوعا من قبل أطراف معروفة بمناوراتها، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك أوراقا ضاغطة على زعيم ميليشيا الشرق الليبي لا يستطيع مقاومتها، وهو تورطه في جرائم قتل خارج القانون رفقة أولاده". بل ذهبت الصحيفة أبعد من ذلك حين أشارت إلى "وجود تنسيق جزائري نيجري وتونسي أمريكي، لمحاصرة القلاقل التي تريد بعض الأطراف الإقليمية والدولية زرعها في المنطقة".
في نفس السياق قد تتنزل الأخبار التي راجت حول قيام الجزائر بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المتوجهة إلى دول الساحل، وإذا ثبت المنع فإنه يتناسق مع الموقف المعروف للجزائر التي ترفض تواجد ميليشيا فاغنر على حدودها.
وما يؤكد أن أوراق التحالفات بصدد التبعثر، هو طرد حكومة طرابلس لعناصر من المخابرات المصرية، لم يأت ذلك كرد على استقبال القاهرة لرئيس الحكومة الموازية المدعوم من حفتر فحسب، بل لأسباب أخرى لعل أهمها سعي مخابرات السيسي الى تحقيق اختراق في طرابلس لصالح المشير حفتر.
السؤال الآن، ألم يُقدم السيسي على مراجعات شبه جذرية في علاقته بطرابلس ويقدم الدعم السياسي للدبيبة وتتحصل شركاته مقابل ذلك على النصيب الأوفر من عقود إعادة إعمار ليبيا، كما اتفق عبد الحميد الدبيبة مع مصطفى مدبولي على ربط شبكات الكهرباء بين البلدين، الدعم الذي تحتاجه مصر بشدة وأبدت ليبيا استعدادها للمساعدة الواسعة في سد حاجيات مصر من الطاقة الكهربائية...
إذا لماذا نكص السيسي؟ ما الأمر؟
في الحقيقة لا نحتاج إلى بحث طويل حتى نصل إلى الحقيقة، لأن السر كل السر في اتفاقية الــ35 مليار دولار التي وقعها محمد بن زايد مع السيسي، وقال بعض الخبراء أن جل بنود الاتفاقية لم يتم الإعلان عنها واعترفت سلطة السيسي بذلك.. وحتى لا نطيل وتستغرقنا التفاصيل، يكفي القول ان الصفقة الإماراتية الضخمة التي أخرت انهيار الاقتصاد المصري، تضمنت شراء الموقف الخارجي المصري، بمعنى تتحول القاهرة الى حزام دبلوماسي يسند الرؤية الإماراتية في المحيط العربي والاقليمي، وتنتقل مصر من منتج للفعل في محيطها إلى مجتر للفعل الاماراتي.
نصرالدين السويلمي
ليست هناك تعليقات